ندوة حول الإصلاح الجبائي
و قانون المالية لسنة 2017
يوم 31 أكتوبر 2016 بمقر مداد مونبليزير
نظرا للجدل الذي أثاره مشروع قانون المالية لسنة 2017 و رفضه من قبل العديد من الأطراف الوطنية، نظَم مركز دراسة الإسلام و الديمقراطية ندوة حول الإصلاح الجبائي من خلال قانون المالية، يوم 31 أكتوبر 2016 بتونس العاصمة،  وذلك لشعور المركز بمسؤوليته في المساهمة في إنجاح المسار الاقتصادي في تونس.
استهل السيد رضوان المصمودي الندوة ،بكلمة ترحيبيَة، مؤكَدا على ضرورة إنجاح الانتقال الديمقراطي المرتبط بالنجاح الاقتصادي بالأساس و ذلك من خلال  معرفة طبيعة المشكلة و تحديد التحديات التي يجب رفعها.



ابتدأ السيد إلياس الفخفاخ وزير المالية السابق مداخلته بتقسيم الجباية الذي يُعد المورد الأساسي للدولة إلى أداءات مباشرة التي تشمل الأداءات على الدخل(الأجور) و الأداءات على الشركات، بالإضافة إلى الأداءات غير المباشرة و هو ما يسمَى بالجباية العمياء. حيث أشار إلى أن وزارة المالية قامت بدراسة سنة 2012 مفادها الآتي في تونس ما يقارب 120 ألف شركة منهم 60 ألف مؤسسة تنشط فعليا، علما و أنَ 60% منهم لا يدفعون الجباية و ذلك لتمتعها بكل الامتيازات الجبائية التي تمنحها الدولة للشركات حيث أن نسبة الشركات التي تدفع الجباية للدولة هي 16% فقط. ونوَه السيد إلياس الفخفاخ إلى أنَ اللَاعدالة الجبائيَة تظلم المواطن و تؤدي إلى عرقلة تحسين المردود الجبائي في تونس.أعلن وزير المالية الأسبق أن وزارة المالية اشتغلت على عملية اصلاح جبائية اشتركت فيها كل الأطراف الوطنية و السياسية، انطلقت في ماي 2013 و دامت 6 أشهر، قامت بها أكثر من 200 ورشة، دعت إلى الاصلاحات التالية: تقليص قائمة المنتفعين من النظام التقديري الجبائي، ضبط سقف المعاملات نقدا، فرض الجباية ب10% على الشركات المصدرة....إلخ. غير أنَ هذه الحملة الجبائية انقطعت نظرا لتتالي الحكومات التي تداولت على الحكم فكانت تعمل لمدة قصيرة فلم تُمكَن من إكمال هذا البرنامج الذي يتطلب على الأقل 5سنوات كمدى متوسط للتطبيق.كما أشارالسيد إلياس الفخفاخ إلى ارتفاع المديونية إلى نسبة 63% سنة 2016 في حين كانت سنة 2013 بنسبة 45 %. و هذا الارتفاع يعود إلى أسباب عدَة منها انعكاس سعر الدولار على الدينار التونسي و تأثيره على العجز التجاريَ و على المديونية بنسبة 10% كل عام، و هو الذي دفع الدولة التونسية إلى الأخذ من ميزانية الاستثمار لتغطية مختلف مصاريف الدولة ممَا أدى إلى نسبة عجز بلغت 5.7 % . بالإضافة إلى انعدام ثقة المواطنين و غياب حس المواطنة و هو ما يتطلب من السياسيين و الاقتصاديين الدخول في مرحلة الشفافية لإعادة بناء تلك الثقة.

و في نفس السياق، عدَد السيد رياض بالطيب الوزير السابق للاستثمار و التعاون الدولي الأهداف المُلحَة التي يجب الإسراع في تحقيقها و هي التالية: ضرورة اصلاح المنظومة العمومية الجبائية، دفع الاستثمار  الأجنبي، تطويرو تنويع موارد الدولة، تفعيل برامج الاصلاحات مع الشركاء الإقليمين ، التحكم في مؤشرات المديونية و العجز و النفقات و ترشيدها،دفع محركات النمو و هي الاستثمار، التصدير و الاستهلاك ، مساعدة الشركات النشيطة التي تعتبر "رأس مال الدولة التونسية" على حد تعبيره.أكَد السيد رياض بالطيب على أن الفارق بين منظومة جباية الشركات المصدَرة و منظومة جباية الشركات المحليَة تشهد خللا واضحا لذلك من الضروري على الدولة العناية بالشركات المحلية لتحقيق العدالة الجبائية، علما و أن معظم الشركات الأجنبية ليست متجهة إلى تونس لأنها تبحث عن مناخ استثمار مناسب ووضع أمني معتدل و وطبقة شغَيلة طيَعة.كما دعا السيد رياض بالطيب إلى مراجعة الامتيازات الجبائية للمؤسسات و إعادة تقييمها علما و أن آخر مراجعة تقييمية للامتيازات الجبائية في تونس تعود إلى سنة 2012 للعشر سنوات الأخيرة، حيث أثبتت الإحصائيات أن 90% من الشركات اعتبروا أن الامتياز الضريبي لم يكن محددا في قرار الاستثمار.و في آخر كلامه ،أكَد السيد رياض بالطيب على ضرورة انسجام قانون المالية لسنة 2017 مع سياسة الاصلاح و متطلبات المرحلة ،كما  أن الحديث على موضوع الميزانية و حلَ المشاكل الاقتصادية يقتضي منهج التشاور لتحقيق سير الانتقال الاقتصادي.
ابتدأ السيد هشام بن فضل الخبير المالي بتعداد مؤشرات المأزق الاقتصادي الذي تمرَ به تونس وهي التالية : بلغ اقتراض الدولة مستوى عال بنسبة 62% ،بلغ الضغط الجبائي أقصاه بنسبة 23% ، انعدام السيولة لدى الدولة والقطاع البنكي، و انعدام الثقة بين الحاكم و المحكومين. دعا السيد هشام بن فضل إلى تحرير الاقتصاد و اقتصار دور الدولة على دعم الصناديق الاجتماعية و تطبيق القانون على كل من يخالفه.كما نوَه إلى أنَ قانون المالية لسنة 2017 ينصَ على 54 من التدابير المالية و الاقتصادية في حين أنَ التدابير المالية و الاقتصادية بلغت 360 من سنة 2011 إلى اليوم،فكيف ستتمكَن الدولة من دفع المواطنين إلى تطبيق القانون.
وخلال النقاش، كان حماس الحضور واضحا ممَا أضفى حماسة للأجواء.عاب السيد عبد الفتاح التاغوتي على الحكومات المتعاقبة عدم التنسيق فيما بينها لاستكمال الاصلاحات الاقتصادية. أمَا السيد يوسف الرياحي فقد استنكرمن تراخي الدولة وعدم فتح ملفات هامة كملف محلات السوبر ماركت( grandes surfaces ) و ملف الاقتصاد الخفي و الموازي.و أكَدت السيدة وفاء سلامة على أن الخلل يكمن في عدم التصرف حسب الأهداف .و بعبارة أخرى،من الضروري ترشيد السياسة الاقتصادية و إنشاء آليات تنظيمية تتماشى مع الأهداف الكبرى.كما سلَط السيد سليم فرجاني الضوء على قنوات التمويل التي انبنت على نظام قديم و هو المسؤول على ما نعيشه اليوم من تهريب للأموال .

و في إطار التفاعل، ردَ السيد هشام بن فضل على أسئلة المشاركين بالتوصيات التالية : يجب توضيح البرنامج الاقتصادي للحكومة الحالية والبحث عن التوازن بين موارد و نفقات الدولة. أمَا السيد رياض بالطيب فقد أكَد على بناء استراتيجية تونسية للنهوض اقتصاديا ووضع برنامج اصلاح قائم على التكافؤ و المحاسبة و المتابعة و التقييم. واختتم السيد إلياس الفخفاخ الندوة بردَ على أسئلة المتدخلين مفاده التركيز على إعادة بناء الثقة بين الحاكم و المواطنين التي تتأثر بالشخصية القيادية و مدى صدقها.و اعتبر أن تأخر انتخابات البلدية من الأسباب التي أخَرت إرجاع الثقة ابتداءا من الصعيد المحلي .