CSID Tunisia Big Logo

ندوة
"الاقتصاد التونسي إلى أين؟"
في ظل ما تشهده البلاد التونسية منذ الثورة من تقهقر على المستوى الاقتصادي والتنموي وفي إطار الجهود الوطنية لدفع عجلة الاقتصاد والبحث عن حلول لتجاوز هذه المعضلة نظم مركز دراسة الاسلام والديمقراطية ندوة تحت عنوان "الاقتصاد التونسي إلى أين؟" وذلك يوم السبت 18 جوان 2016 بمركز دراسة الإسلام والديمقراطية مونبليزير- تونس وقد تمت دعوة مختصين وخبراء في المجال الاقتصادي، بالإضافة لممثلين عن الحكومة التونسية ونواب عن مجلس الشعب وممثلين عن الأحزاب السياسية والجمعيات الفاعلة في المجال.

انطلقت الندوة بتأطير عام للجلسة من قبل رئيس المركز الدكتور رضوان المصمودي الذي أكد على أن المرحلة اليوم وكل الفترة القادمة تستدعي التركيز على الجانب الاقتصادي، كما أشار إلى ان هذه الندوة هي فاتحة للبحث في الموضوع وستتبعها ندوات وأنشطة أخرى في نفس السياق من اجل البحث في نقاط الضعف وفي تحديات الاقتصاد التونسي واقتراح حلول تتوافق حولها المجموعة الوطنية، بالإضافة إلى ضرورة حث المواطنين التونسيين على المشاركة في هذا الحوار ودعمه. كما أكد الدكتور رضوان على ان الديمقراطية بدون اقتصاد هي ديمقراطية عرجاء يجب تقويمها بالنهوض بالاقتصاد الوطني.
المداخلة الأولى قدمها الدكتور جلول عياد وزير المالية السابق ومختص في المجال الاقتصادي والذي استهل كلامه بالتأكيد على أن الديمقراطية لا تنجح إلا بالنهوض بالاقتصاد الوطني، وأكد أن في  دعم الديمقراطية دعم للاقتصاد. وفي نفس الإطار اعتبر الدكتور عياد أن هناك 3 انواع من الاقتصاد: الاقتصاد الرسمي والاقتصاد الموازي والاقتصاد غير المقيم، وان البحث في موضوع الاقتصاد يستدعي البحث في كل من هذه المجالات. كما أكد على ضرورة توجيه الاقتصاد الموازي نحو الاقتصاد الرسمي وهذا يستدعي استراتيجية وطنية على المستوى المالي والجبائي. كما بين السيد جلول أن الحكومة اليوم تواجه حالة من الانسداد على المستوى الاقتصادي بسبب ضعف النسبة المخصصة للاستثمار من ميزانية الدولة. واكد على أن الدولة غير قادرة على الاستثمار وهو ما يفتح المجال للاستثمار الخاص. ويبقى السؤال المطروح هو كيفية دعم الاستثمار الخاص والخارجي في تونس. واختتم السيد جلول كلامه  بالتأكيد على دور الحكومة التي عليها بذل جهود كبيرة والانطلاق قبل كل شيء بطرح الأسئلة الحقيقة والتي من بينها الفساد الاداري وتحمل مسؤولياتها من أجل اتخاذ القرارات السياسية للإجابة على الاسئلة الملحة.
المداخلة الثانية كانت للسيد رضا السعيدي الوزير السابق للشؤون الاقتصادية الذي انطلق بداية بالتأكيد على أهمية إقامة مثل هذه الندوات خاصة خلال هذه الفترة وان هذا الأمر يستدعي مشاركة الجميع. كما أثنى السيد رضا على ما قدمه السيد جلول واكد أن الاتفاق حاصل حول واقع الانكماش الاقتصادي وضعف النمو وتنامي المديونية. واكد على ضرورة النأي بالمسألة الاقتصادية عن التجاذبات السياسية والتركيز على الاصلاح المالي والاصلاح البنكي والاصلاح الجبائي. كما أكد السيد رضا أنه من الضروري خلق ديناميكية تنموية في الجهات من أجل دفع عجلة الاقتصاد. كما عبر عن قلقه من تدحرج قيمة الدينار التونسي واكد على ضرورة التوجه نحو الاستثمار. كما أشار السيد السعيدي إلى ان الاشكاليات هي ظرفية من جهة على غرار وضع الانتقال الذي تعيشه البلاد وهيكلية من جهة أخرى كواقع الإدارة المعيق والقوانين المعرقلة. واكد أن الحوار الاقتصادي الذي طرح سنة 2014 مازال مطروحا وأنه لم تتم الإجابة على الأسئلة الحقيقة. وانه من الضروري استئناف الحوار مجددا وتشريك الجميع ولكن لابد من جرأة وإرادة ورؤية للإصلاح. وانهى كلامه بالتأكيد على أن التوافق السياسي يجب أن يفضي الى توافق حول الملفات الكبرى والقضايا الوطنية الهامة.   
السيد توفيق الراجحي المستشار لدى رئيس الحكومة ورئيس مجلس التحاليل الاقتصادية أكد خلال مداخلته على أن الوضع الاقتصادي اليوم وخلال سنة 2016 يختلف عما كان عليه سنة 2011 نظرا لاختلاف الظرف العام للبلاد وخاصة بسبب ضعف تراجع القطاع السياحي. كما اكد على ان الاعلام التونسي تعامل بسلبية وبشيطنة مع واقع الاقتصاد التونسي وهو يحمل رسائل غير ايجابية للمستثمرين وللخارج. وابرز السيد توفيق أن قوة الاقتصاد التونسي تكمن في تنوع القطاعات الداعمة للاقتصاد على غرار الفلاحة والسياحة والفسفاط وغيرها، ولكن كل هذه القطاعات تشهد تأخرا جميعها وهو ما أثر سلبيا على مداخيل البلاد. وأكد ان هناك فشلا على مستوى توزيع وإدارة الثروة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد واعتبر ان الحكومات واعية بهذا الأمر ولكنها غير قادرة على وضع سياسات ملائمة لتعديل الوضع الاجتماعي والاقتصادي. وفي النهاية اعتبر السيد المستشار أن الاصلاحات التي يجب ان تتم هذه السنة هي التوقف عن الزيادة في الاجور والتحكم فيها وأن سنة 2017 يجب أن تشهد تقشفا في مسألة الاجور إلى جانب ضرورة إعادة هيكلة الشركات العمومية واستئناف عمليات الاصلاح والجرأة في المضي قدما وبدون تردد نحو الاصلاح.

المداخلة الاخيرة كانت للسيد هشام بن فضل الخبير المالي والممثل عن حزب آفاق تونس الذي أكد على أننا نحتاج اخصائيين اجتماعيين ونفسيين إلى جانب الخبراء الاقتصاديين، لأن هناك غياب إرادة حقيقية للإصلاح وهو يظهر في مستوى موقف النقابات والأحزاب والادارة. وهناك تجاذبات سياسية تمنع كل إصلاح ممكن. وعدد السيد هشام أبرز الاشكالات والاسئلة على المستوى الاقتصادي واهمها غياب الثقة المتبادلة. واكد على ان التحدي اليوم هو المرور إلى التوافق حول عملية الاصلاح وهذا الأمر يحتاج قيادة وطنية ومسؤولة.
خلال فترة النقاش أكد المتدخلون على أن غياب الاستقرار السياسي وضعف الاستثمار وسوء
الإدارة وغياب الثقة هو من اهم أسباب  التأخر
على المستوى الاقتصادي، وأكدوا على أن خلق الثروة تستدعي دفع الاستثمار الوطني من خلال دعم المؤسسات الصغرى والمتوسطة ودعم الشراكات بين القطاع العام والخاص وتفعيل الاصلاحات الكبرى الهيكلية عبر اصدار قوانين خاصة متعلقة بهذه الاصلاحات وخاصة منها الاصلاحات الجبائية. كما عبروا عن استيائهم من عدم صدور مجلة الاستثمار وغياب الارادة السياسية والجرأة على التنفيذ. وأكدوا على ضرورة خلق انسجام على مستوى القوانين.
كما بين المتدخلون أن غياب الرؤية سبب رئيسي في عدم تجانس مشاريع الاصلاح الاقتصادية. وأكدوا أن الاصلاحات الهيكلية ضرورية ولكن من الضروري عدم غض النظر عن الاصلاحات المستعجلة والآنية، وان الحلول هي سياسية بالأساس. كما تم اقتراح تكوين مدارس للبحث العلمي والاجتماعي والاقتصادي والنفسي من اجل انتاج المعرفة في هذا المجال. ورجح بعض المتدخلين ان مراكز قوى من كل العالم تمنع أي إصلاح ممكن في تونس وهي متنفذة داخل الأحزاب الحاكمة. في المقابل دعا آخرون إلى فتح المجال لليبرالية الاقتصادية ورفع الضرائب الجبائية من أجل منح الفرص للجميع. واتفق الجميع في الختام حول ضرورة إيجاد رؤية وطنية للاقتصاد و تبسيط المفاهيم حتى ينخرط كل الشعب في عملية الاصلاح.




STAY CONNECTED: